تأسِيس النظائر: بإبْرازته الأولى والثانيَة
إن كتاب تأسيس النظائر في طليعة التصانيف التي تُعنى بالقواعد (أو القواعد الكلية) التي تتخذ من المبادئ الفقهية الإسلامية موضوعًا لها، كما اطّلعنا في بداية مجلة الأحكام العدلية على نموذجٍ منه متقدمٍ واضحٍ. وفي نفس الوقت فإنّ هذا الكتاب هو مصنَّفٌ أصيلٌ يتناول المبادئ الأساسية التي اعتمدَت عليها الخلافات في الآراء بين المذاهب الفقهية الإسلامية ضِمن محور علم الخلاف. يعتبر كتاب تأسيس النظائر بالنظر إلى خصوصيَّته هذه من أوائل التصانيف التي تنتمي إلى نوعٍ أدبيٍّ آخر يمكن اعتباره نوعًا ممزوجًا قد جُمع فيه بين النوعين المذكورين أعلاه يُربط فيه اختلافُ الآراء بين الفقهاء بالمبادئ؛ أي: نوعَ التصانيف التي تُعنى بأدب تخريج الفروع على الأصول؛ بل وربما هو أوَّل تصنيفٍ في هذا النوع الأدبي.
ولقد نُشر مطبوعًا مرات عديدة تحت عنوان: تأسيس النظر ونُسب إلى أبي زيد الدبوسي (ت430هـ/1039). وقد تبيَّن في النسخة التي بين أيديكم بتحقيق الأستاذ الدكتور مرتضى بَدِر أنّ العنوان الصحيح للكتاب هو تأسيس النظائر، وأن المؤلِّف الحقيقي له هو أبو جعفر أحمد بن عبد الله الشِّيرماري (عاش في منتصف القرن 5هـ/11م). وقد جمع الأستاذ الدكتور مرتضى بدر في تحقيقه كلَّ النسخة الخطية والنُّسخ العائلات للكتاب، وبذلك ظَهر وجود إبرازتين مختلفتين. وفي هذا التحقيق الذي اعتمد على أربع عشرة نسخةٍ خطِّيةٍ نُشرت إبرازتان مختلفتان للكتاب: تأسيس-1 وتأسيس-2. وتحتوي إبرازة تأسيس-2 على تحقيق جديد للنشر السابق، وأما إبرازة تأسيس-1 فإنها تُنشر لأوَّل مرة. ويقدم تحقيق وتُقدِّم دراسة بدير في هذا السياق نموذجًا يُحتذى به فيما يتعلق بكيفية نشر المؤلفات الكلاسيكية التي لها إبرازتان مختلفتان. كما قام بَدِر بتحقيق كتابِ أصول الكرخي للفقيه الحنفي البغدادي المشهور أبي الحسن الكرخي، وشرحِه الذي أثراه النسفي بالنماذج والأمثلة، وذلك التزامًا بعُرف نشر تأسيس النظائر، وألحقهما في نهاية هذا العمل. ويقدّم هذا التحقيق الذي سعى قدْر الإمكان إلى تلافي النواقص الموجودة في الطبعات السابقة لتأسيس النظائر وأصول الكرخي، ويضم الإبرازة الأصلية من تأسيس النظائر التي لم تُنشر حتى الآن، مصدرًا مهمًّا للاستفادة في الأوساط العلمية.
انقر هنا للشراء.

